الخميس، 24 نوفمبر 2011

المغرب اول انتخابات تشريعية في ظل الربيع العربي

الرباط 24 نوفمبر2011 (شينخوا) يتوجه اكثر من 13 مليون ناخب مغربي غدا الجمعة الى صناديق الاقتراع لاختيار 395 عضوا بمجلس النواب، الغرفة الأولى للبرلمان، في انتخابات مبكرة هي الأولى في ظل الدستور الجديد الذي وافق عليه المغاربة في أول يوليو الماضي بأغلبية كبيرة.
ويراهن المغرب على أن تشكل هذه الانتخابات التي يشارك فيها اكثر من 30 حزبا سياسيا محطة جديدة في المسار الديمقراطي للبلاد، من أجل الاستجابة للمطالب المطروحة في الشارع.
وتتمثل هذه المطالب في محاربة الفساد واحترام إرادة المواطنين وتحقيق انتقال نوعي في ممارسة السلطات، ومنها على وجه الخصوص السلطات البرلمانية والحكومية التي تتيحها الوثيقة الدستورية الجديدة.
وقال الباحث المغربي في مجال العلوم السياسية كريم هريتان في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا)، إن هذه الانتخابات تشكل مدخلا لوضع أسس ديمقراطية مؤسساتية في المغرب تقوم على الإشراك المباشر للنخب السياسية والفعاليات المجتمعية.
ويبلغ عدد الناخبين المدعوين للإدلاء بأصواتهم الجمعة، حسب اللوائح الانتخابية بعد حصرها في 15 نوفمبر الجاري، 13 مليون و475 ألف و435 ناخب ، 54.90 بالمائة منهم من الرجال الباقي من النساء.
وسيصوت الناخبون، لأول مرة في تاريخ الانتخابات المغربية، ببطاقة التعريف الوطنية بدل بطاقة الناخب التي ألغيت.
ويجرى الانتخاب عن طريق الاقتراع باللائحة وبالتمثيل النسبي حسب قاعدة "أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج الأصوات والتصويت التفاضلي".
وقال هريتان ان مجلس النواب الذي سينبثق عن هذه الانتخابات سينكب على مناقشة والموافقة على نصوص تشريعية تتصل بمشروع الجهوية الموسعة التي ستمنح بموجبها اختصاصات لمجالس الجهات (16 جهة) بما يمكنها من صنع قرارات محلية.
ويتألف مجلس النواب من 395 عضوا ينتخبون بالاقتراع العام المباشر ويتوزعون ما بين 305 عضوا ينتخبون على صعيد الدوائر الانتخابية المحلية و90 عضوا ينتخبون برسم دائرة وطنية، وهم 60 امرأة و30 رجلا لا يزيد سنهم عن 40 عاما.
وبلغ العدد الإجمالي للوائح الترشيح المودعة برسم الدوائر الانتخابية المحلية (92 دائرة) ما مجموعه 1546 لائحة تشتمل على 5392 مترشحا ومترشحة، أي بمعدل وطني يقارب 17 لائحة ترشيح في كل دائرة محلية.
وفي ما يتعلق بالترشيحات المقدمة برسم الدائرة الانتخابية الوطنية، فقد بلغ عدد اللوائح المسجلة ما مجموعه 19 لائحة تتضمن 1710 ترشيحا منها 1140 مترشحة و570 مترشحا شابا، في حين تم تسجيل لائحتين محليتين بالمترشحين اللامنتمين.
وكان قد طغى على الحملة الانتخابية التي انطلقت في 12 نوفمبر وتنتهي في منتصف ليلة اليوم (الخميس)، نوع من الفتور خاصة خلال أسبوعها الأول، لكن سرعان ما ارتفعت وتيرتها واشتدت حدة المنافسة بين المرشحين مع اقتراب موعد الحسم في هذا الاستحقاق الذي تقاطعه ثلاثة أحزاب يسارية هي النهج الديمقراطي والطليعة الديمقراطي الاشتراكي واليسار الاشتراكي الموحد.
وعلى الرغم من ان مختلف الأحزاب السياسية المغربية المشاركة في الانتخابات، نظمت خلال الحملة اكثر من 9500 نشاط، استقطب ما يزيد على 608000 من المشاركين، أي بمعدل يزيد عن 55200 مشارك في اليوم، حسب إحصائيات رسمية، إلا أنها متوجسة من عدم إقبال المغاربة على صناديق الاقتراع.
ولم تتجاوز المشاركة في الانتخابات التشريعية التي نظمت العام 2007 نسبة 37 بالمائة .
وأعلنت الأحزاب المشاركة في الانتخابات خلال حملاتها الانتخابية عن أهداف اقتصادية واجتماعية طموحة، تتمثل أساسا في الرفع من معدل النمو بنسبة تتراوح بين 6 و7 بالمائة، وإحداث اكثر من 200 ألف منصب شغل كل سنة أو الرفع من الحد الأدنى للأجور إلى سقف 3 آلاف درهم.
لكن هذه الارقام بدت "عائمة" في نظر العديد من المحللين السياسيين وحتى بالنسبة لغالبية المغاربة في غياب توضيحات حول كيفية ترجمتها على أرض الواقع.
ويرى هريتان أن أهم رهان لهذه الانتخابات يتمثل في التنزيل الأمثل للدستور الجديد.
وكان من المتوقع اجراء الانتخابات التشريعية بالأساس في النصف الثاني من عام 2012 مع انتهاء ولاية الحكومة الحالية.
وتراهن السلطات والطبقة السياسية المغربية على تحقيق نسبة مشاركة مقبولة في هذا الاستحقاق تعيد الثقة للعملية السياسية والمسلسل الإنتخابي، حيث تمت الموافقة في هذا الاطار على مراقبة محلية ودولية للإنتخابات .
كما تم إقرار قانون ملاحظة الإنتخابات الذي يسمح للهيئات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني بمراقبة ومتابعة عملية الاقتراع.
وينص دستور المغرب الجديد، على مزيد من الصلاحيات لرئيس الحكومة والبرلمان ، حيث سيتمتع رئيس الحكومة ، الذي يتم اختياره من أكبر حزب بالبرلمان ، بسلطة حل البرلمان وتعيين وفصل مسؤولين بارزين .
وكانت هذه الصلاحيات في ايدي الملك فقط.
وشهد المغرب هذا العام تظاهرات مطالبة بالديمقراطية شأنه شأن دول أخرى بالمنطقة، وخرج المتظاهرون الى الشوارع احتجاجا على ضعف الاقتصاد والفساد السياسي وطلبا لمزيد من الحريات.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس (47 عاما) قد قطع على نفسه كثيرا من التعهدات لدفع الديمقراطية والحرية وسيادة القانون قدما في البلد الواقع بشمال إفريقيا.
واعتبر كثيرون أن المشاركة الكبيرة في الاستفتاء على الدستور الجديد تشكل انتصارا للملك الذي حظي باشادة بالغة والذي يقود حملة لتعزيز حقوق الانسان ومكافحة الفقر منذ توليه عرش المملكة عام 1999 ممثلا لأقدم أسرة حاكمة بالعالم العربي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق